والذي يعنيه ما سبق أن الفن الإسلامي مذهب مستقل، يتباين تماما عن تلك المذاهب الفنية التي نشأت عن تطور المفاهيم العلمانية في الغرب، ولكن ذلك لا يعني في نفس الوقت أن الفن الإسلامي مدرسة فنية غير قابلة للتجدد؛ لأن التصور الإسلامي للوجود، والذي نعبر عنه هنا بالمثالية الواقعية، يجمع ما بين الثابت والمتغير. فالجانب الثابت هو المثالية العقائدية والقيمية للتصور الإسلامي، و الجانب المتغير هو الفاعلية الإنسانية التي يتعامل بها هذا التصور مع الواقع، وهذا المتغير قابل للتشكل الفني بحسب التوجهات البشرية المختلفة، ومن المزج بين هذا وذاك يتسع المجال لأن تتوالد العديد من المدارس الفنية المتجددة، ولكنه سيلاحظ دائما أنهاتختلف عن تلك المدارس الفنية الأخرى. والإسلام لم يتعرض لأغلب الفنون القديمة، وهذا يوضح أن الإسلام أقر أغلب ما كان موجودا من فنون في الأمم السابقة، مما علم به المسلمون من نحت، وعمارة، ورسم، وأيضًا مما مارسه العرب من فنون القول، التي أبدعها اللسان العربي، من الشعر والنثر والمقامة والقصة والملحمة، والمفاخرة والمنافرة، وسائر فنون الأدب. فالمسرح وهو ما يدعونه " أبو الفنون "، لأنه يجمع كثيراً من الفنون الجميلة، فيوجد في الفن المسرحي فن الأداء، وهو التمثيل، وفن الإخراج، وهو "الرؤيا" والفن التشكيلي، ويتمثل في تصميم الديكور وتصميم الأزياء وفن الإضاءة، متمثلاً في اللحظات الضوئية المختلفة، وكيفية توزيعها، وفن الإستعراض، متمثلاً في تصميم الإستعراضات، وفن الموسيقى. وهو ما كان نابعا عن صفه نفسية قابلة للمدح أو الذم كإعطاء الفقير ، والإنفاق في وجوه الخير حال كونه نابعا عن جود وكرم ، وكذلك الإقدام دفاعا عن الحق ، وإزهاقا للباطل حال كونه نابعا عن الشجاعه ، فهذه صفات حميدة لأنها من فضائل الأخلاق ، فآثارها تابعه لها في الحكم . سلوك إرادي غير خلقي : منه ماهو استجابة لغريزة جسدية كالأكل المباح عن جوع ، والشرب المباح عن ظمأ ، فقد يجوع الإنسان فيأكل ملبيا حاجة عضويتة ، وهنا نقول: إن تناوله للطعام بتأثير دوافع الجوع سلوك لا علاقة له بميزان الأخلاق إيجابا أو سلبا ، ولكن شرهه الزائد و الموقع له في المضرة سلوك ناتج عن خلق غير محمود . فكما أن هناك أخلاق فطرية، كذلك بإمكان أي إنسان أن يكتسب بعض الفظائل والأخلاق، وذلك بالتربيه المقترنه بالإرادة والقيم، والناس في ذلك متفاوتون. بمدى سبقهم وارتقائهم في سلم الفضائل كما أن كل إنسان عاقل يستطيع بما وهبه الله من استعداد عاقر أن يتعلم نسبة من العلوم، والفنون وأن يكتسب مقدارا ما من أي مهارة علمية من المهارات . وتفاوت الاستعداد والطبائع لا ينافي وجود استعداد عام صالح لاكتساب قدار من الصفحات الخلقية، وفي حدود هذا الاستعداد العام وردت التكاليف الشرعية الربانية العامه ، ثم ترتقي من بعده مسؤوليات الأفراد بحسب ما وهب الله كلا منهم من فطر، بحسب ما وهب كلاً منهم من استعدادات خاصة . ووفق هذا الأساس. إن أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين سعداء ما لم تربط بينهم روابط من الأخلاق الكريمة . ولو فرضنا وجود مجتمع من المجتمعات على أساس تباد المنافع المادية فقط، من غير أن يكون وراء ذلك غرض أسمى، فإن لا بد لسلامة هذا المجتمع من خلقي والأمانه على أقل التقدير. فمكارم الأخلاق صرورية اجتماعية لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقد الأخلاق التي هي الوسيط الذي لا بد منه لانسجام الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى ذلك إلى الانهيار ثم الدمار. فإذا كانت الأخلاق صرورة في نظر المذهب والفلسفات الأخرى. معتمداً على الرياضيات و الفلك ,فقد عثر في كهوف ما قبل التلريخ على رسوم تصور الحيوانات و النباتات وأعمال الإنسان و بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية مثل كيوكبات النجوم التي راقبها الإنسان الأول . وعثر على أرقام لم نستطع قراءتها , ولذلك تميزت ملامح هذه المرحلة الأولى من تاريخ العلم في علاقته بالتكنولوجيا . وسائله العلمية في التطبيق - بأن العلم يتعدى كونه